صدور كتاب جديد بعنوان: ديناميات الثقافة في المسرح (من المثاقفة إلى التناسج الثقافي). للمؤلف: الصديق الصادقي العماري


صدور كتاب جديد بعنوان: 

 ديناميات الثقافة في المسرح (من المثاقفة إلى التناسج الثقافي).

 للمؤلف: الصديق الصادقي العماري

مدير ورئيس تحرير مجلة كراسات تربوية


صدر للباحث في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا "الصديق الصادقي العماري"، كتاب بعنوان: ديناميات الثقافة في المسرح (من المثاقفة إلى التناسج الثقافي). عن منشورات مؤسسة مقاربات للنشر والصناعات الثقافية بمدينة فاس، المملكة المغربية، غشت 2021. الكتاب عبارة عن رؤية سوسيوأنثروبولوجية للظاهرة المسرحية، خاصة ما يتعلق بالجانب الثقافي منها، باعتبار الثقافة عابرة للقارات والحضارات. فالباحث الصديق الصادقي العماري، مدير ورئيس تحرير مجلة كراسات تربوية العلمية المحكمة، وهو عضو في لجن علمية لمجلات وطنية ودلية، وباحث في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا كتخصص رسمي علمي أكاديمي، ومنفتح على تخصصات أخرى في دراسته الأكاديمية منها الفلسفة واللغة العربية.

تقديم

عرفت الثقافة مكانة جد متميزة في الأبحاث والدراسات على اختلاف أنواعها وتوجهاتها وتخصصاتها، فالإنسان بطبعه كائن اجتماعي وثقافي في الآن نفسه، وبهذا يتميز بالتفاعل عبر علاقات اجتماعية متعددة مع الآخر المشابه أو المختلف، مما يؤدي إلى ثراء الخبرة والتجربة التي تساعد على التجديد والتحول في طريقة التفكير ونمط العيش وأسلوب الحياة، وخلال هذا التفاعل يتم إكساب العديد من النماذج والأشكال الثقافية بين الطرفين، الأمر الذي يدفعنا للقول بعدم وجود ثقافة خالصة، وإنما هناك تداخل وتقاطع وتفاعل بين الثقافات.

لكل ثقافة هوية، ولكل هوية جوهـر تعبر عنه خصوصيات متفـردة، وتنبثـق منه قيم سامية ومثـل عليا، هي عنوان الأصالة والعراقة اللتين هما القواعد الراسخة للثقافة، والقواسم المشـركة بـين الثقافات الإنسانية جميعا، مها تكن سماتها وقسماتها وطوابعها، ومها تتعدد مصادرها ومنابعها وروافدها. كما أن لكل أمة ثقافة تعبر عن كينونتهـا، وتعكس طبيعتها، وتسجل عطاءاتها المتراكمة عبر التاريخ الطويل، فتجعل منها أمة ذات خصوصيات تميزها عن الأمم الأخرى. وكذلك هي الثقافة في تميزها عن الثقافات السائدة، سواء في الزمن الواحد، أو في أزمنة متطاولة، وإن كانت تأخذ عنها، وتقتبس منها، وتتلاقح معها، فتتقارب، وتتحاور، وتتفاعل بطرق متباينة، فتكتسب قوة في المناعة، وقدرة على التناغم مع البيئة، وعلى التكيف مع المحيط الإنساني العام، وتلك هي طبيعة الثقافة لدى أي أمة من الأمم، وفي كل عصر من العصور.

أما بخصوص المسرح، منذ نشأته سعى إلى مد جسور التواصل بين الثقافات الإنسانية، في أفق التأسيس لمسرح كوني يروم العالمية ويختزل الخصوصية، أو صنع مسرح عالمي ينطق بلغات متعددة، وذلك نتيجة التبادلات الثقافية والحضارية بين الشعوب، التي تجاوزت الحدود الجغرافية وحتى الثقافية. قد أصبح المسرح مجالا وفضاء لتفاعل وتداخل مختلف الفرجات الإنسانية، وأرضية للتبادل والتأثير والتأثر، مما جعل منه ظاهرة ثقافية بامتياز، وبهذا، يصبح مجالا للانفتاح على الآخر المختلف والمغاير، لذلك، "ليس ثمة من مسرح مكتف بذاته كليا. وهذا دليل على أن المسرح من حيث هو أب للفنون، هو في حقيقته جنس هجنة بامتياز، إنه مجمع الفنون كلها، ومعبر لتفاعلها وتناسجها"[1].

وفي إطار ما يعرف ب "مسرح المثاقفة" عرفت الفرجات والتعبيرات الثقافية تحولات عميقة وشائكة، حيث تم اقتطاع أجزاء من ثقافة معينة وإدخالها في ثقافة أخرى مخالفة، مما نتج عنه إشكالات عويصة من قبيل التخوف على الهوية الوطنية، وهيمنة ثقافة على أخرى، إضافة إلى التبعية الثقافية، وهو الأمر الذي كرس المركزية الغربية من خلال إغناء ثقافتها على حساب ثقافة الآخر المختلف ووصفها بالتخلف والجمود وكل أشكال الدونية، غير أن "ارتهان مصطلح "مسرح المثاقفة" بأشكال معينة من الممارسات المسرحية المتمركزة قد أحدث التباسات أثناء تداوله في أوساط البحث المسرحي الدولي، إذ أصبح يرمز إلى مثاقفة مهيمنة ومفروضة أكثر منها تلقائية ومتكافئة"[2].

مما نتج عنه ضرورة تفكيك مسرح المثاقفة ومعرفة خلفياته وأبعاده من قبل العديد من النقاد والباحثين، من بين هؤلاء باتريس بافيس الذي يقر بضرورة تجاوز خطاب المركزية الأوربية الغاشمة، إذ يقول في هذا الصدد :"إذا كان هناك ثمة خطاب يجب أن نسعى لتجاوزه، فهو التمركز الأوربي المنكفئ الذي يجعل من أوربا حصنا منيعا ضدا على أي شكل من أشكال المثاقفة مع آخرها....لقد كان استشراف آفاق المثاقفة خارج مدار المركزية الأوربية رهانا استراتيجيا لحل مشاكل المسرح المعاصر"[3].

وفي هذا السياق، الذي ارتبط بضرورة التفكير في سبل استشرافية من أجل خلق جسور التفاعل والتواصل بين الثقافات بطريقة متكافئة، نتج مشروع "التناسج الثقافي" في محاولة من طرف العديد من الباحثين لخلق تصور نظري حوله في المسرح. فإذا كانت الأشكال التعبيرية تنتقل من ثقافة إلى أخرى بطريقة مباشرة وغير مباشرة، وإذا كانت هذه الأشكال تتداخل فيما بينها عبر عمليات التأثير والتأثر المتبادلة، وإذا كان المسرح من الفنون التي تشكل فضاء بَيْنِيا لهذه الأشكال التعبيرية الفرجوية، فما مفهوم الثقافة عامة؟ وما الجانب الإجرائي للثقافة داخل الاتجاهات النظرية السوسيولوجية والأنثروبولوجية؟ وما علاقتها بالهوية والمثاقفة؟ وما "التناسج الثقافي"؟ وما السبيل للتحول من المثاقفة إلى التناسج الثقافي في المسرح؟ وهل يمكن رصده في تجارب مسرحية غربية وعربية؟ وكيف يمكن فهم طريقة وأسلوب وآليات إنتاج وإعادة إنتاج الظاهرة المسرحية التي نعتبرها ثقافية، من خلال النص الدرامي، والسينوغرافيا، والإخراج المسرحي،...؟



[1]إريكا فيشر ليشته، من مسرح المثاقفة إلى تناسج ثقافات الفرجة، ترجمة وتقديم: خالد أمين، منشورات المركز الدولي لدراسات الفرجة، سلسلة 22، ط1، طنجة- المغرب،2016، ص 14.

[2]إريكا فيشر ليشته، المرجع السابق، ص15.

[3]خالد أمين، المسرح ودراسات الفرجة، منشورات المركز الدولي لدراسات الفرجة، سلسلة14، ط1، طنجة-المغرب، 2011، ص 22.

...................................... 

مجلة كراسات تربوية مجلة محكمة ورقية تعنى بقضايا التربية والتكوين

 majala.korasat@gmail.com

 212664906365+ /

تعليقات

المشاركات

مجلة كراسات تربوية، العدد الثاني 2016

سياسة النشر في مجلة كراسات تربوية-المغرب

المدرس و نظم العمل في مجال الإرشاد النفسي المدرسي

مجلة كراسات تربوية، العدد الثالث 2018

دعوة للنشر في مجلة كراسات تربوية العلمية المحكمة-المغرب العدد السابع(07) يناير 2022

مجلة كراسات تربوية، العدد السادس-6-فبراير 2021

د. محمد الدريج: ديدكتيك اللغات و اللسانيات التطبيقية -تداخل التخصصات أم تشويش براديكمي-

دواعي اعتماد المقاربة بالكفايات كمدخل للإصلاح البيداغوجي. ذ. الصديق الصادقي العماري

مجلة كراسات تربوية: المواكبة التربوية نحو تأسيس نموذج/منظومة لتجويد التعليم و محاربة الهدر المدرسي

مجلة كراسات تربوية: دورة تكوينية بالرشيدية حول علوم التربية والديداكتيك والتشريع التربوي من 8 أبريل إلى 15 أبريل 2018

المشاركات الشائعة

د. محمد الدريج: ديدكتيك اللغات و اللسانيات التطبيقية -تداخل التخصصات أم تشويش براديكمي-

هندسة التكوين الأساسي للمدرسين و تمهين التعليم. د. محمد الدريج

دعوة للمشاركة في كتاب جماعي: علوم التربية والترجمة: الواقع والآفاق. يونيو 2024

دواعي اعتماد المقاربة بالكفايات كمدخل للإصلاح البيداغوجي. ذ. الصديق الصادقي العماري

مجلة كراسات تربوية: المواكبة التربوية نحو تأسيس نموذج/منظومة لتجويد التعليم و محاربة الهدر المدرسي

المدرس و نظم العمل في مجال الإرشاد النفسي المدرسي

مجلة كراسات تربوية، العدد الثالث 2018

فاعلية الذات وجودة الأداء المهني لدى مربي مراكز حماية الطفولة/د. كوثر الشرادي

اللجنة العلمية ل مجلة كراسات تربوية، العدد السادس فبراير 2021

المشاركات الشائعة

دعوة للمشاركة في كتاب جماعي: علوم التربية والترجمة: الواقع والآفاق. يونيو 2024

فاعلية الذات وجودة الأداء المهني لدى مربي مراكز حماية الطفولة/د. كوثر الشرادي

د. محمد الدريج: ديدكتيك اللغات و اللسانيات التطبيقية -تداخل التخصصات أم تشويش براديكمي-

مجلة كراسات تربوية. العدد 12. يناير 2024

مجلة كراسات تربوية، العدد السادس-6-فبراير 2021

المدرس و نظم العمل في مجال الإرشاد النفسي المدرسي

سياسة النشر في مجلة كراسات تربوية-المغرب

دواعي اعتماد المقاربة بالكفايات كمدخل للإصلاح البيداغوجي. ذ. الصديق الصادقي العماري

مجلة كراسات تربوية، العدد الثالث 2018

مجلة كراسات تربوية، العدد الثاني 2016

المشاركات الشائعة

مجلة كراسات تربوية، العدد الثاني 2016

سياسة النشر في مجلة كراسات تربوية-المغرب

المدرس و نظم العمل في مجال الإرشاد النفسي المدرسي

مجلة كراسات تربوية، العدد الثالث 2018

دعوة للنشر في مجلة كراسات تربوية العلمية المحكمة-المغرب العدد السابع(07) يناير 2022

مجلة كراسات تربوية، العدد السادس-6-فبراير 2021

د. محمد الدريج: ديدكتيك اللغات و اللسانيات التطبيقية -تداخل التخصصات أم تشويش براديكمي-

دواعي اعتماد المقاربة بالكفايات كمدخل للإصلاح البيداغوجي. ذ. الصديق الصادقي العماري

مجلة كراسات تربوية: المواكبة التربوية نحو تأسيس نموذج/منظومة لتجويد التعليم و محاربة الهدر المدرسي

مجلة كراسات تربوية: دورة تكوينية بالرشيدية حول علوم التربية والديداكتيك والتشريع التربوي من 8 أبريل إلى 15 أبريل 2018